تروي هذه الورقة قصة منظمة “SOS “الساحل – المملكة المتحدة، وهي منظمة دولية غير حكومية تسجلت في المملكة المتحدة في عام 1983 استجابة للجفاف والمجاعة المدمرين الذين أثرا على جزء كبير من منطقة الساحل في الفترة من أوائل السبعينيات حتى منتصفها. وعلى الرغم من هذه الأصول، فقد تأسست هذه المنظمة باعتبارها منظمة تنموية وليس منظمة إنسانية غير حكومية وركزت على إدارة الموارد الطبيعية في الأراضي الجافة في منطقة الساحل.

كانت السمة المميزة لعمل منظمة “SOS “الساحل – المملكة المتحدة نهجها التنموي طويل الأجل، والتشاركي، والمملوك محلياً. وقد هيمن على الكثير من أعمال التنمية في منطقة الساحل وغيرها نهج قصير الأجل وقائم على المشروعات، ومع هذا فقد أصبحت المنظمة معروفة بدعمها ومساندتها طويلي الأجل لمجتمعات محلية ومناطق جغرافية معينة. وتصف هذه الورقة كيف تطور نهجها تجاه إدارة الموارد الطبيعية المجتمعية خلال الثمانينيات والتسعينيات في أربعة بلدان: 2 وتصف أيضاً الجانب المتعلق بعموم الساحل من عمل منظمة “SOS “الساحل – المملكة المتحدة الذي يمتد عبر شرق أفريقيا السودان، وإثيوبيا، ومالي، والنيجر. وغربها، بالإضافة إلى مشاركتها على مستوى السياسات مع الحكومات الوطنية. ويتعلق هذا الجزء من القصة –الفصل الأول– بالمناقشات الحالية حول التنمية في منطقة الساحل، ال سيما حول الحوكمة وبناء السالم فيما يتعلق بالموارد الطبيعية، وهي قضايا غالباً ما تجري مناقشتها اليوم تحت راية النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام. 

اتخذت منظمة “SOS “الساحل – المملكة المتحدة قراراً بإغلاق أبوابها في أوائل 2020، أي بعد 36 عاماً من إنشائها. فما الأسباب التي دعتها إلى ذلك؟ وشعرت المنظمة بأنها أتمت مهمتها بنجاح؛ فقد أصبحت برامجها القطرية الرئيسية الأربعة منظمات غير حكومية وطنية تعمل بكامل طاقتها، ومندمجة في المجتمع المدني الوطني. ويدور الجزء الثاني من القصة – من الفصل الثاني حتى الخامس – حول سعي المنظمة إلى وضع جدول أعمال للتوطين قبل أن يصبح هذا المصطلح شائعاً بفترة طويلة. وبحلول أواخر التسعينيات، كانت المنظمة التي بدأت باعتبارها منظمة دولية غير حكومية تتخذ من الشمال العالمي مقراً لها تستكشف كيفية نقل الإدارة والتحكم إلى برامجها القطرية. وسرعت عملية تحقيق اللامركزية، المألوفة للعديد من الوكالات الدولية، على نحو عاجل عندما تعرضت المنظمة للأزمة مالية في مطلع الألفية. وقد أدى ذلك إلى تحولها من منظمة دولية غير حكومية تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها تدير برامج قُطرية إلى مجموعة من المنظمات غير الحكومية الوطنية المدعومة والميسرة من المملكة المتحدة، مصحوباً هذا بتحول كبير في ميزان القوى. وقد حدث هذا بسرعات متفاوتة في بلدان مختلفة، بيد أن المنظمة قد قررت إنهاء نشاطها ومشاركة قصة التوطين هذه بعد اكتمال العملية بحلول 2019/2020. 

تختلف تجربة المنظمة عن نهج العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية في التوطين. حيث يتعلق الأمر بالنقل الشامل للسلطة، والموارد، والأصول إلى المنظمات غير الحكومية الوطنية المتجذرة في المجتمع المدني في بلدانها، بحيث لا تعود هناك حاجة إلى المنظمة التي تتخذ من الشمال العالمي مقراً لها. وهذا الأمر وثيق الصلة بالمناقشات الحالية حول إنهاء الاستعمار في قطاع المساعدات ويقدم دروساً قيمة. فكيف خرجت أربع منظمات غير حكومية وطنية مزدهرة من منظمة دولية؟ تصف هذه الورقة رحلة منظمة “SOS “الساحل – المملكة المتحدة، والتحديات التي واجهتها، وبعض الأخطاء التي ارتكبتها، فضلاً عن العوامل المساهمة في نجاحها وتحللها.

تعليقات

Comments are available for logged in members only.

هل يمكنك المساعدة في ترجمة هذا المقال؟

نريد الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص. إذا كان بإمكانك المساعدة في ترجمة هذه المقالة ، فتواصل معنا.
Contact us

هل وجدت كل ما تبحث عنه؟

تساعدنا مدخلاتك القيمة في تشكيل مستقبل HPN.

هل تود الكتابة لنا؟

كما نرحب بالتقارير المقدمة من قرائنا بشأن المواضيع ذات الصلة. إذا كنتم ترغبون بنشر أعمالكم على شبكة العمل الإنساني، فإننا نحثكم على التسجيل بصفتكم عضوًا في شبكة العمل الإنساني حيث ستجدون المزيد من التعليمات حول كيفية تقديم المحتوى إلى فريق تحريرنا الخاص.
Our Guidance