Issue 76 - Article 1

أزمة اليمن والمجتمع المدني: البقاء على قيد الحياة رغم الصعاب

يونيو 29, 2020
لوري لي
A camp for internally displaced people in a school called Ammar Bin Yasser in Aden
"> Telegram
"> Facebook

حذر وكيل الأمين العام، مارك لوكوك، في البيان الموجز الذي قدمه لمجلس الأمن في أكتوبر / تشرين الأول 2019، من بطء التقدم في معالجة حالة الطوارئ الإنسانية في اليمن. كان شهر سبتمبر 2019 أكثر الشهور دموية بالنسبة للمدنيين، حيث قتل أو جرح ما يقرب من 400 شخص بمعدل 13 شخص في اليوم، ويمثل الموت المأساوي لأربعة أطفال في الحديدة، قتلوا بأسلحة لم تتفجر في قصف سابق وجميعهم من نفس العائلة، مثالا عن مدى حدة الأزمة.

ترسم البيانات صورة قاتمة، إذ أن حوالي ثمانية من بين كل عشرة يمنيين بحاجة إلى مساعدة إنسانية أو حماية إنسانية، فضلاُ عن أن14.4 مليون من سكان البلاد البالغ عددهم 30.5 مليون شخص يعانون من احتياجات ماسة. شرد حوالي 3.5 مليون شخص ويعاني 20 مليون آخرون من انعدام الأمن الغذائي، نصفهم تقريباً يعانون من الجوع الشديد، عدا عن ذلك، يفتقر18 مليون يمني إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، وما يقرب من 20 مليون يمني لا يحصلون على الرعاية الصحية الكافية. في عام 2018، احتلت اليمن المرتبة 178 من أصل 189 دولة في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية.

يوضح تحليل منظمة كير عن نوع الجنس والنزاع في محافظتي تعز وعدن، الصادر في سبتمبر 2019، أن أهم خمسة مخاوف تنتاب اليمنيين في المجتمعات التي نعمل معها هي: صعوبات الحصول على عمل وعدم الحصول على دخل كافٍ لتغطية الاحتياجات الأساسية وعدم معرفة كيفية الحصول على المساعدة وعدم القدرة على التحرك عبر مناطق الصراع وعدم القدرة على التحرك بأمان دون الخوف على السلامة في الملاجئ الجماعية أو داخل مناطق المجتمع المضيف. ما تخبرنا به النساء والرجال وعائلاتهم هو أنهم يريدون أن يصبحوا أكثر قدرة على الصمود. لقد زرت اليمن في وقت سابق من هذا العام، وما حملته معي هو عزم اليمنيين وتصميمهم على إعادة بناء بلادهم، لذا فإن المجتمع العالمي يدين لهم بفرصة التعافي من خلال مساعدة مستدامة ومسار نحو حل سياسي للأزمة.

توجد منظمة كير في اليمن منذ عام 1992، ولولا جهود اليمنيين أنفسهم الذين يعملون ويتطوعون وينظمون في الداخل والخارج لحل الأزمة لكانت عملياتها وعمليات المنظمات الدولية الأخرى في البلاد مستحيلة. وكما أشار وكيل الأمين العام لوكوك، فإن هذه هي أكبر عملية إغاثة إنسانية في العالم، ومعظم وكالات الإغاثة العاملة في البلاد البالغ عددها 250 وكالة هي يمنية، العديد منها عبارة عن عمليات شعبية صغيرة، مثل منظمة يداً بيد التي تديرها وردة صالح، يمولها أعضاء المجتمع المحلي، ومنح الأمم المتحدة لمرة واحدة والمؤسسات الخاصة ومصادر أخرى. على الرغم من ضآلة الأموال المجمعة المخصصة للمنظمات الإنسانية المحلية، فإن هذه الجماعات لها تأثير كبير في الميدان  وبين وسائل الإعلام والجمهور.

قضايا نوع الجنس والحماية في صدارة الأزمة اليمنية

أفادت منظمة كير في عام 2018 أن أكثر من 3.25 مليون امرأة في سن الإنجاب واجهن مخاطر متزايدة في مجالي الصحة والحماية، بما في ذلك مخاطر العنف القائم على نوع الجنس. ووفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن أكثر من ثلاثة ملايين امرأة وفتاة يمنية معرضة لخطر العنف القائم على نوع الجنس و60 ألفًا على الأقل لخطر العنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب. ويشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن حوادث العنف القائم على نوع الجنس، بما في ذلك الاغتصاب والاعتداء الجنسي وعنف الشريك الحميم والزواج المبكر  والقسري للفتيات، قد  زادت بنسبة أكثر من 60 ٪ منذ بدء النزاع. ويكشف تحليل منظمة كير حول نوع الجنس والنزاعات عن القلق المتزايد والخوف والضغط العاطفي وتدهور الصحة العقلية لكل من النساء والرجال.

يعكس تحليل نوع الجنس والنزاع الذي قامت به منظمة كير الدروس المستفادة من “ما الذي ينجح في منع العنف ضد النساء والفتيات” في الحالات الإنسانية. وتشير المذكرة الموجزة عن النزاع والوضع الإنساني لبرنامج “ما الذي ينجح”، الذي يمتد لعدة سنوات والذي وضعته إدارة التنمية الدولية، إلى أن النساء أكثر عرضة من الرجال لأن يكنّ ضحايا للاستغلال الجنسي خلال النزاع، فالنزاع يزيد أيضا من الفقر، كما أن الضغوط الاقتصادية على الأسر تزيد أيضًا من العنف ضد النساء والفتيات، وخاصة عنف الشريك الحميم كون الحرمان الاقتصادي ومستويات الدخل مؤشرات متوقعة للعنف المرتبط بنوع الجنس، ويتفاقم تطبيع الاغتصاب والعنف الجنسي داخل المنزل مع تواصل وجود العنف خارج المنزل. يتفق هذا مع تحليل منظمة كير في محافظتي عدن وتعز، حيث تظهر حوادث العنف القائم على نوع الجنس نزعة تصاعدية منذ مارس 2015،  وأن النساء تتأثرنَ بشكل أكبر بتدهور ظروف المعيشة والخدمات بسبب الحرب.

تنطبق على اليمن توصيات “ما الذي ينجح”، وهو برنامج فريد من نوعه كلفته ملايين الجنيهات الإسترلينية ويمتد على مدى خمس سنوات، حول الأدلة على انتشار العنف ضد النساء والفتيات ومنعه:

الحاجة إلى مساعدة مستدامة طويلة الأمد لتجديد سبل الصمود

تشمل أولويات منظمة كير دمج الشواغل المتعلقة بنوع الجنس بشكل فعال في الاستجابة الإنسانية والتنمية المستدامة. اتضح لي أثناء وجودي في اليمن، بحسب ما عبر لي عنه النساء والرجال الذين التقيت بهم، أن إعادة بناء اقتصاد البلاد أمر أساسي، كما أظهر بحث بتكليف من منظمة كير صدر في مايو 2019 حول الجوانب الجنسانية للمساعدة النقدية متعددة الأغراض في سياق أزمة الغذاء في اليمن أهمية المساعدة المستدامة طويلة الأجل. يوضح هذا البحث الجانب السلبي للمساعدة النقدية قصيرة الأجل (سواء أكانت مشروطة بالعمل أو متعددة الأغراض)، وكذلك المساعدات الغذائية قصيرة المدى. بالإضافة إلى العمر (فوق 65 عامًا) والإعاقات الكبيرة أو المرض أو المخاوف الصحية التي تشكل حواجز أمام بناء القدرة على الصمود، يُظهر التمايز بين الجنسين في البحث في مديريتي أبين وعمران أن النساء يستخدمن المساعدات النقدية لبناء دخلهن الخاص ودخل أسرهن. فالنساء أكثر ميلا من الرجال للاستثمار في سبل العيش والمشاركة في التدريب على المهارات وأنشطة الادخار.

وبدون مثل هذه التدخلات، قد تلجأ النساء والأطفال بشكل خاص إلى استراتيجيات التكيف السلبية بما في ذلك التسول (ما يعرضهم لخطر الاستغلال الجنسي) لإعالة أنفسهم وأسرهم وعائلاتهم. وقد أظهر بحث كير في اليمن أن 10 أشهر من برامج المساعدة النقدية متعددة الأغراض نتج عنها:

بالإضافة إلى تزويد الأسر بالأصول مثل المساعدات النقدية المتوسطة وطويلة الأجل و/أو الثروة الحيوانية لبدء المشاريع الصغيرة، تشمل برامج المساعدة المستدامة لبناء اقتصادات ومجتمعات قادرة على الصمود في اليمن:

في نهاية المطاف، اليمنيون أنفسهم هم من سيكون لهم الدور الحاسم في إعادة بناء اليمن، أما دور المجتمع الإنساني، بما في ذلك منظمات مثل كير، فهو يتمثل في المساعدة في خلق مساحة للتغيير الإيجابي من خلال التدخلات المتوسطة وطويلة الأجل. للقيام بذلك، نحتاج إلى المزيد من مصادر التمويل المرنة ومصادر التمويل متوسط وطويل الأجل من الحكومات والأمم المتحدة والقطاع الخاص والمؤسسات. تقدم رحاب الخوجة، المديرة الميدانية لمنظمة كير في اليمن لتمكين المرأة اقتصاديًا، لمحة عن التحديات التي يواجهها العديد من اليمنيين كل يوم قائلة “عندما بدأت عملي في كير … أدركت أننا نسمع الكثير من قصص النساء في اليمن، وعن كيفية تغير أدوار الجنسين في المجتمع حيث بدأت الكثيرات في العمل للمرة الأولى كوسيلة لكسب دخل إضافي لعائلاتهن، لكننا لا نسمع الكثير عن كفاحاتهن لتحقيق ذلك”. كير الدولية ملتزمة بالعمل مع النساء والرجال اليمنيين، ومع منظماتهم، لتأمين مستقبل مستدام.

لوري لي هي المدير التنفيذي لمنظمة كير الدولية البريطانية، ومقرها لندن.

تعليقات

Comments are available for logged in members only.

هل يمكنك المساعدة في ترجمة هذا المقال؟

نريد الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص. إذا كان بإمكانك المساعدة في ترجمة هذه المقالة ، فتواصل معنا.
Contact us

هل وجدت كل ما تبحث عنه؟

تساعدنا مدخلاتك القيمة في تشكيل مستقبل HPN.

هل تود الكتابة لنا؟

كما نرحب بالتقارير المقدمة من قرائنا بشأن المواضيع ذات الصلة. إذا كنتم ترغبون بنشر أعمالكم على شبكة العمل الإنساني، فإننا نحثكم على التسجيل بصفتكم عضوًا في شبكة العمل الإنساني حيث ستجدون المزيد من التعليمات حول كيفية تقديم المحتوى إلى فريق تحريرنا الخاص.
Our Guidance